تعلم الاسعافات الاولية

لا يخلو أن يصادف الواحد منا – يوما من الأيام- وهو في عمله داخل مؤسسة تربوية أو وهو في مكان عام كالشارع مثلا أو المقهى ، أو وهو في بيته مع أهله و أبنائه ، موقفا يجسد حالة خطر يتعرض لها أحدهم ( ابن ، تلميذ ، زميل ، مواطن عادي ....) . وبما أن الغالبية العظمى منا لا تحسن فنون التدخل الإسعافي فإننا غالبا ما نقف وقفة المتفرج نحوقل و نسترجع بينما المصاب يتألم في أحسن الأحوال أو يحتظر في أسوئها ؛ وحتى وإن قرر أحدنا التدخل فإن هذا التدخل غالبا ما يؤدي إلى تفاقم وضع المصاب إما بزيادة آلامه أو تغير حالة الخطر من البسيطة الى الاكثر خطورة ، كالشخص الذي يقوم بتحريك شخص مصاب في عموده الفقري اثر سقطة على الظهر فقد يؤدي هذا التحريك الى شلل تام بدل مجرد كسر بسيط يمكن معالجته .
إننا كرجال و نساء التعليم وبحكم مهنتنا ملزمون بحماية التلاميذ ماداموا تحت مسؤوليتنا و رعايتنا ، وهذه الحماية ليست فقط بمنع و تجنب الحوادث بل تشمل كذلك الاسراع بالتدخل بشكل صحيح و سليم في حالة وقوع خطر ما من أجل الحد من مضاعفات الحادث والتي قد يؤدي تجاهلها لضرر شديد على المصاب ؛ فأن نسارع لإيقاف نزيف في جرح غائر أفضل من انتظار سيارة الاسعاف التي قد تتأخر أو لا تأتي أبدا .وإنني لأتذكر هنا ما تعرض له مدير ثانوية ابن سيناء الاعدادية بسيدي قاسم بعد اتهامه بالتقصير في تقديم الاسعافات الاولية لتلميذ سقط داخل المؤسسة ومات بعد مدة قصيرة ، حيث اتهمت اسرة التلميذ المدير بالإهمال وعدم اسعاف ابنها في الوقت المناسب مما ادى لوفاته ، و هذه التهم و إن تم تفنيدها من طرف السيد المدير لكنها جرت عليه مصائب نفسية و اجتماعية جمة وهو ما لا نتمناه لأي زميل في المهنة .
تجدر الاشارة الى أن من مهام المدير التربوي بجميع الاسلاك : - تدبير ملف الحوادث المدرسية و تقديم الاسعافات الأولية للمصاب و الاشراف على نقله الى أقرب مركز صحي و إخبار ذويه ، ومن هنا يتبين أن السادة المديرين غير معفيين من أي تقصير حدث خلال وقوع إصابات داخل مؤسساتهم وهو ما يحتم عليهم الإلمام بتقنيات الاسعافات الاولية شانهم في ذلك شأن باقي الاطر التربوية .
إننا كرجال و نساء التعليم شأننا شأن جميع المواطنين مسؤولون دينيا و قانونا أمام أي تقصير في تقديم يد المساعدة لمن هو في خطر ؛ فحينما نتحدث عن المسؤولية الدينية نجد كمثال ما ورد في الاية الكريمة رقم 34 من سورة المائدة والتي جاء فيها " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا و من أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا " قال مجاهد في تفسير الاية ومن أحياها أي أنجاها من غرق أو حرق أو هلكة ؛ أقول فمن أنجى نفسا من الهلكة فقد أحياها ومن تركها لتهلك فقد قتلها . أما حينما نتحدث عن المسؤولية القانونية فالمشرع المغربي و الجزائري نصا صراحة على عقوبة ضد كل من تمنع عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر ، وقد أورد ذلك في القانون الجنائي المغربي و الجزائري ، ففي القانون الجنائي المغربي ورد تحت الفصل رقم 431 والذي جاء فيه : " من أمسك عمدا عن تقديم مساعدة لشخص في خطر رغم انه كان يستطيع أن يقدم تلك المساعدة إما بتدخله الشخصي وإما بطلب الإغاثة دون تعريض نفسه أو غيره لأي خطر يعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر إلى خمس سنوات و غرامة من 200 درهم إلى 1000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط " .
بينما قرر قانون العقوبات الجزائري جريمة عدم تقديم مساعدة لشخص في حالة خطر، وفقا للمادة 182، حيث يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وبالغرامة من 20000دج
إلى 100000دج، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمدا عن تقديم مساعدة إلى
شخص في حالة خطر، كان في إمكانه تقديمها إليه بعمل مباشر منه أو بطلب الإغاثة، وذلك دون أن تكون هناك خطورة عليه أو على الغير .
ليست هناك تعليقات